mardi 23 septembre 2014

نظرية الاعتماد على وسائل الإعلام

نظرية الاعتماد على وسائل الإعلام
1 - نشأة النظرية وتطورها:
     لقد كانت البداية الأولى لبروز نظرية الاعتماد على وسائل الإعلام على يد الباحثة ساندرا بول روكيتشا و ملفين دي فلور وزملائهما علم 1974 عندما قدموا ورقة بحثية بعنوان "منظور المعلومات" والتي طالبوا فيها بضرورة الانتقال من مفهوم قوة الإقناع لوسائل الإعلام إلى وجهة النظر التي ترى قوة وسائل الإعلام كنظام معلوماتي يعتمد في نشاطه على مصادر المعلومات الأخرى التي تصنع النظام الإعلامي القائم في المجتمع.
     ليتم فيما بعد ظهور مفهوم الاعتماد على وسائل الإعلام من قبل سندرا روكيتش و دي فلور في مؤلف بعنوان "نظريات وسائل الإعلام" الذي حاولا من خلاله ملء الفراغ وسد الثغرات التي خلفها نموذج الاستخدامات والاشباعات الذي أهمل تأثير وسائل الإعلام وقوتها في ذلك، لهذا فقد وضع دي فلور وروكيتش نموذج لتوضيح العلاقة بين وسائل الإعلام والقوى الاجتماعية الأخرى ورأيا أن المؤسسة الإعلامية هي نظام اجتماعي ذو طبيعة تبادلية مع الأنظمة الأخرى الموجودة في المجتمع وبالتالي يصعب فهم طبيعة ادوار وسائل الإعلام وتأثيرها ما لم يتم فهم طبيعة الاعتماد المتبادل والترابط الوثيق بينها وبين الأنظمة الأخرى (النظام أسياسي، النظام الاقتصادي) هذا من جهة، وما لم يتم أيضا تحديد المجالات التي يعتمد فيها الجمهور على هذه المؤسسة من جهة أخرى.
2 - محتوى نظرية الاعتماد على وسائل الإعلام:
     ركزت نظرية الاعتماد على أن العلاقة التي تربط وسائل الإعلام والجمهور والنظام الاجتماعي تتسم بخصائص اجتماعية من الاعتماد المتبادل الذي تفرضه سمات المجتمع الحديث، إذ أن الجمهور يعتمد على وسائل الإعلام باعتبارها نظام فرعي من اجل فهم وإدراك نظام فرعي آخر هو المحيط الاجتماعي الذي يعيش فيه إفراد الجمهور، أي أن وسائل الإعلام هنا تمثل مصادر رئيسية يعتمد عليها أفراد الجمهور في الحصول على المعلومات عن الأحداث من حوله وبخاصة في حالات اللااستقرار والتحولات والصراعات داخل البنية الاجتماعية التي تفرض على إفراد الجمهور زيادة الاعتماد على وسائل الإعلام لفهم الواقع الاجتماعي، هذا دون إغفال أن نشاط وسائل الإعلام لا يتم من جهة أخرى دون اعتمادها على المصادر المتناثرة داخل عناصر مكونات البناء الاجتماعي من هيئات ومؤسسات وبنى جزئية أو فرعية مشكلة للبناء الاجتماعي بصفة عامة، ففيما يخص علاقة وسائل الإعلام بالنظام السياسي فيرى دي فلور أنها علاقة اعتماد متبادل فهو لا يمكنه الاستغناء عنها من اجل نشر مبادئه وقيمه والترويج لها، ولا هي باستطاعتها الاستغناء عنه لدعم مشاريعها، وهو ما أكده هلبرت شيلر الذي رأى أن العلاقة التي تربط المؤسسات الإعلامية بالنظام السياسي هي علاقة قائمة على رؤية هذا النظام لها بوصفها وسيلة وأداة منافسة لترويج أفكاره ومبادئه قصد بسط سيطرته على ثقافة وحياة المجتمع برمته كما هو الحال في المجتمعات ذات النظام الرأسمالي.
وفيما يتعلق بعلاقتها بالنظام الاقتصادي فهي علاقة لا تقل عما سبق ذكره في الجانب السياسي إذ تعتبر وسائل الإعلام أدوات مهمة لتحقيق الأهداف المادية للنظام الاقتصادي عبر أساليب الإعلان والإشهار أما فيما يخص طبيعة العلاقة بين المؤسسة الإعلامية والجمهور فهي علاقة وثيقة ومتينة فالجمهور ليس بمقدوره الاستغناء عنها لمعرفة شؤون حياته اليومية وهي الأخيرة سيظل نشاطها دون معنى في غياب اهتمام هذا الجمهور.
3 - فرضيات نظرية الاعتماد على وسائل الإعلام:
أ- يتراوح تأثير وسائل الإعلام بين القوة والضعف تبعا للظروف المحيطة والخبرات الخاصة بالجمهور.
ب- نظام ونشاط وسائل الإعلام جزء أو صورة مجزأة للنسق الاجتماعي للمجتمع.
ج- استخدام وسائل الإعلام وتأثيرها لا يحدث بمعزل عن تأثيرات النظام الاجتماعي الذي ينتمي إليه الجمهور ووسائل الإعلام.
د- حالات اللااستقرار والأزمات التي تحدث في النظام الاجتماعي تزيد من حاجة الجمهور للمعلومات وبالتالي تزيد من اعتماده على وسائل الإعلام لإشباع هذه الحاجة.
هـ- اعتماد الجمهور على وسائل الإعلام يزداد كلما كان النظام الإعلامي قادرا على الاستجابة لاحتياجات النظام الاجتماعي والجمهور.
و- يختلف أعضاء الجمهور في اعتمادهم على وسائل الإعلام بين الصفوة التي تعتمد على مصادر خاصة كالبرقيات أو شريط وكالات الأنباء والتي ليست متاحة لكل الجمهور.




4 - تصنيف نظرية الاعتماد على وسائل الإعلام: تصنف هذه النظرية ضمن النظريات المتكاملة لعدة أسباب نوجزها بالقول:
أ- تضمينها لعدد من عناصر علم الاجتماع ومفاهيم علم النفس.
ب- تفسيرها للعلاقات السببية بين الأنظمة المختلفة في المجتمع (العلاقة بين النظم الاجتماعية والنظام الإعلامي).
ج- جمعها وضمها للعناصر الرئيسية لنظرية الاستخدامات والاشباعات وكذا نظريات التأثير التقليدية الأخرى.
د- حاولت تقديم نظرة فلسفية تجمع بين الاهتمام بمضمون الرسائل والتأثير الذي يحدث للجمهور نتيجة التعرض لهذا المضمون.
5 - النموذج الأول لنظرية الاعتماد على وسائل الإعلام عام 1976:
قدم دي فلور وساندرا روكيتش نموذج الاعتماد الأول سنة 1976 إذ عرضا نموذجهما لتوضيح العلاقة بين العناصر الرئيسية للنظرية (المجتمع- وسائل الإعلام- الجمهور) بشكل متداخل حيث تختلف هذه العلاقة من مجتمع لآخر إذ أن طبيعة الأنظمة الاجتماعية والإعلامية تختلف من بيئة لأخرى وان نشاط وسائل الإعلام ونشاطها يختلف من مجتمع لأخر زيادة على أن اهتمامات وحاجات الجمهور.
6 - النموذج المتكامل لنظرية الاعتماد على وسائل الإعلام المطور 1982

تأثيرات سلوكية

احتياجات الجمهور

وسائل الإعلام

المجتمع
:






يوضح هذا النموذج التداخل الكبير بين عناصر النظرية إذ يقدم مجموعة معقدة من المتغيرات التي تؤدي إلى تأثير وسائل الإعلام التي تظهر نتيجة الاعتماد المتبادل بين وسائل الإعلام والنظم الاجتماعية الأخرى ونوجز هذا النموذج في النقاط التالية:
1- ينشا تدفق المعلومات داخل البناء الاجتماعي باعتبار المجتمع نظام تحكمه البنائية الوظيفية الذي يحدث فيه علاقات الاعتماد بين النظم الاجتماعية ووسائل الإعلام والجمهور المعني بالأحداث، هذا طبعا يتساير مع طبيعة كل مجتمع بحكم أن كل نظام اجتماعي يختلف عن الآخر في البنى الثقافية ومعاييرها.
2- تأثر معايير وقوانين البناء الاجتماعي على طبيعة نشاط وسائل الإعلام وأهدافها وتنظيمها ودرجة مركزيتها في التحكم في سيرورة المعلومات  وعلاقتها بالأنظمة الاجتماعية من جهة والجمهور من جهة أخرى
3- تركز وسائل الإعلام في نشاطها على المسائل والأحداث التي ترى بأهميتها للنظام الاجتماعي والجمهور معا.
4- يعتبر الجمهور العنصر المهم في علاقة التبادل بين النظام الاجتماعي ونشاط وسائل الإعلام لأنه المعني بالتأثير وسواء من اجل تحقيق الاستقرار والتوازن داخل البناء الاجتماعي أو تكملة بناء واقعه
5- في حالات فهم وإدراك الجمهور للواقع الاجتماعي وطبيعة أنظمته يكون دور وسائل الإعلام ثانوي دون تأثير , أما في حالة البناء أو الاستقرار تزداد احتياجات الجمهور لوسائل الإعلام لفهم البناء الاجتماعي ومحاولة دفعه للاستقرار (زيادة التأثير على السلوكيات و الاجتهادات ...)
6-  وسائل الإعلام تبث المعلومات للتأثير في الأفراد ، لكن في بعض الحالات تتدفق المعلومات أيضا من الأفراد لكي تؤثر في وسائل الإعلام وفي المجتمع ككل  كالاعتراض الجماهيري الذي يزيد من مستوى الصراع في المجتمع أو الذي يؤدي إلى تكوين جماعات اجتماعية جديدة (تغيير طبيعة العلاقات بين النظم الاجتماعية )
7 - النموذج الإدراكي لنظرية الاعتماد على وسائل الإعلام 1989 :
يرى أصحاب النموذج أن هناك اعتمادا متبادلا بين الإعلام الجماهيري والنظام الاجتماعي الذي ينشأ فيه كما أن الجمهور يختار وفق آلية التعرض الانتقائي بين وسائل الإعلام والمصادر الأخرى ما يلبي حاجاته ويشبعها ، سواء كانت  حاجات معرفية إدراكية (الاتجاهات ، المعتقدات ، القيم ، ترتيب الأولويات ) أو الحاجات العاطفية الوجدانية التي تساهم في استقرار ادوار الفرد في المجتمع.
*نظرية الاعتماد على وسائل الإعلام تتداخل مع نظرية الاستخدامات ، نظرية الخبرة ، نظرية ترتيب الأولويات (شرح التقاطعات بين النظرية وبقية النظريات من خلال الفرضيات ).


8 - الانتقادات التي وجهت لنظرية الاعتماد على وسائل الإعلام :
1- مبالغة ومغالاة النظرية في درجة اعتماد وسائل الإعلام أثناء نشاطها على مكونات النظام الاجتماعي وذلك أن وسائل الإعلام غالبا ما تكون محايدة ، حيث أنها مصدر غير سياسي وغير اقتصادي بل هي وسيط محايد وليست هي النظام السياسي أو الاقتصاد يفي حد ذاته
2-جزم النظرية المسبق بتأثر الجماهير بمضامين وسائل الإعلام وإهمالها للقدرة الانتقائية للأفراد وتأثرهم بوسائط اجتماعية أخرى كالأصدقاء والجماعات المرجعية وغيرها
3-أنصار هذه النظرية عرفوا الاعتماد على انه التعرض في حين أن الاعتماد غير التعرض ، فالفرد قد يتعرض إلى مضامين وسائل الإعلام المختلفة لكنه لا يعتمد عليها في حصوله على المعلومات بل يعتمد على مصادر إعلامية أخرى داخل النظام الاجتماعي كالمؤسسات أو إفراد مقربين أو أصحاب قرار ومواقع معينة داخل النظم الاجتماعية .  

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire

الترجمة

عن المدونة

نسعى في هذه المدونة الى عرض آخر الاصدارات من كتب ومجلات علمية في مجال الاعلام والاتصال وخاصة في ما يتعلق بنظريات الاعلام والاتصال ومنهجية البحث العلمي لتكون بذلك هذه المدونة مصدرا لطلاب العلم وتكون فضاءا لتبادل المعلومات والافكار

Membres