jeudi 6 août 2015

الاعلام الالكتروني

الانترنيت في التعليم

مقترب الاستخدام و الإشباع و مفهوم التأثير

مقترب الاستخدام و الإشباع و مفهوم التأثير
 مقترب الاستخدام و الإشباع.
 المساهمات الأصيلة في صياغة مقترب الاستخدام و الإشباع.
الدراسات الحديثة في مقترب الاستخدام و الإشباع.
 الافتراضات الأساسية التي يقوم عليها مدخل الاستخدام و الإشباع
. العلاقة بين الاستخدام و الإشباع والتأثير
 العلاقة بين الاستخدام و الإشباع العلاقة بين الاستخدام و التأثير
. الانتقادات الموجهة لمقترب الاستخدام و الإشباع والرد عليها.
 . الانتقادات الموجهة لمقترب الاستخدام و الإشباع . الرد على الانتقادات.
 خاتمة

مقدمة: مند بداية عصر الاتصال الجماهيري حاول الباحثون والعلماء فهم ماهية التأثيرات التي يمارسها الإعلام الجماهيري على الجمهور، وقد أنتجت تلك الأبحاث والدراسات جملة من الصيغ تعمل على وصف وتفسير واستشراف ما يجرى عندما تتعرض فئة من هذا الجمهور لرسائل إعلامية تبث من خلال وسائل الاتصال الجماهيري، إذ حظي موضوع العلاقة بين وسائل الإعلام والتأثير باهتمام الكثير من الباحثين، وهو ما أدى إلى التوصل إلى عدة نظريات اختلفت في تفسيراتها لهذه العلاقة بسبب اختلاف الاتجاهات والمنطلقات التي اتُّخذت كانطلاقة في تحليل تأثيرات الاتصال الجماهيري سواء كانت تلك الاتجاهات مجرد تحليلات نظرية فقط أم قائمة على أساس دراسات تجريبية. و تعتبر بحوث الاستخدام و الإشباع من المقاربات التي اندرجت ضمن نظريات التأثير المحدود لوسائل الإعلام التي ظهرت في أواخر الستينات من القرن الماضي، و تركز على دراسة أسباب استخدام وسائل الإعلام والاتصال والتعرض إليها من مختلف الفئات الاجتماعية في محاولة للربط بين هذه الأسباب والاستخدام والعائد من هذا الاستخدام الذي يحققه الفرد. ويرى أصحاب هذا الاتجاه بأن إقبال الناس على وسائل الإعلام والاتصال يمكن تفسيره على ضوء استخدامهم (Uses) وكذلك حول العائد والإشباع (Gratification) الذي يتحقق منه. إن التحدي الكبير الذي يُطرح أمام مدخل الاستخدام و الإشباع هو الوصول إلى إيجاد دلائل تبرهن على قيام علاقة بين استخدام وسائل الإعلام وتحقيق الرضا والإشباع من جهة وحدوث التأثير من جهة أخرى، و هذا ما يدفعنا إلى البحث في العلاقة التي تربط بين الاستخدام و الإشباع و التأثير، و من هنا يفرض التساؤل الآتي نفسه، هل استخدام وسائل الإعلام من أجل الإشباع يساعد على التأثير؟ و يمكن الإجابة على هذا التساؤل الرئيسي من خلال الإجابة على التساؤلات الفرعية التالية: ماذا نقصد بالاستخدام و الإشباع و التأثير؟ ما هي العلاقة بين الاستخدام و الإشباع و التأثير؟ تحديد المفاهيم و المصطلحات: التأثير: و يقصد بالتأثير في عملية الاتصال، حدوث الاستجابة المستهدفة من هذه العملية، و التي تتفق مع مفهوم الهدف من الاتصال أو وظيفة الاتصال، و عادة ما يكون هذا الهدف في وعي المرسل أو القائم بالاتصال و يُتوقع تحقيقه من طرف المستقبل أو المتلقي، إذن فالتأثير مرتبط بالقصدية و الرغبة في بث رسالة معينة. الاستخدام: يعرفه "يافيس فرونسوا لوكوياديك" "Yves-François Le Coadic" بأنه نشاط اجتماعي يتحول إلى نشاط عادي في المجتمع بفضل التكرار والقدم، فحينما يصبح الاستعمال متكرر ويندمج في ممارسات وعادات الفرد يمكن حينئذ الحديث عن الاستخدام([1]). وعليه فاستخدام وسيلة إعلامية أو مضمون إعلامي ما يتحدد بالخلفيات الديمغرافية والسوسيو-تقنية، والاقتصادية والثقافية للأفراد([2])، فالعوامل الاقتصادية والتكنولوجية هي مصدر سيرورة الاستخدام، ذلك أن العرض هو الذي يقف وراء الاستخدام، حيث يشير الباحث "عبد الوهاب بوخنوفة" إلى أن مفهوم الاستخدام يقتضي أولا الوصول إلى التقنية أو الوسيلة، بمعنى أن تكون متوفرة ماديا([3])، ثم تأتي بعد ذلك العوامل الاجتماعية والفردية التي تعمل على تشجيع الاستخدام أو تعمل على إعاقته.([4]) الحاجات و الدوافع: وتتحدد هذه الدوافع والحاجات بعوامل بيولوجية ونفسية واجتماعية والتي يشبعها الأفراد تبعا لظروفهم([5]) عن طريق الوسائل الطبيعية من خلال التفاعل والاتصال وجها لوجه، أو من خلال اللجوء إلى التعرض إلى وسائل الإعلام. فالحاجة تنشأ من الشعور بالنقص أو الحرمان من شيء ما لدى الفرد مما يؤدي إلى التأثير في القوى الداخلية للفرد أو الدوافع بغرض إشباع تلك الحاجة بمستوى معين وبدرجة معينة من الإشباع، أي أن الحاجة تؤثر في الدافع، إذا الحاجة هي أساس الدافع وأسبابه([6]). حيث يرى علماء النفس أن محرك الحاجة هو الدافع، هذا الأخير الذي يعرف على أنه >>حالة فسيولوجية أو نفسية توجه الفرد إلى القيام بسلوك معين يقوي استجابته إلى مثيرها<<([7])، أو كما عرفه "فرغلي":>>هو حالة توتر أو استعداد داخلي يثير السلوك ذهنيا أو حركيا، ويواصله ويساهم في توجيهه إلى غاية أو هدف<<([8]). وتشير كلمة "حاجة" في علم النفس على صنفين من الحاجات هما: 1- حاجات فسيولوجية وتسمى أيضا بالحاجات الأولية وتتمثل في كل ما يحتاجه الفرد أو الكائن الحي للمحافظة على حياته واستمرار بقائه كالحاجة إلى الطعام، الماء([9])، لذلك فان إشباعها يعتبر ضروري. 2- حاجات نفسية ويطلق عليها الحاجات الثانوية، وهي حاجات يكتسبها الفرد من البيئة كالرغبة في الصداقة، حب الاستطلاع، الحب...الخ. وهذه الحاجات والدوافع تختلف باختلاف الأفراد تبعا للتباين القائم بين الأفراد من حيث الأدوار والمواقع والأعمار، وكذلك باختلاف المعايير الثقافية والاجتماعية للمجتمع الذي يعيش فيه الأفراد، وهذه الحاجات تتطلب الإشباع حتى يتحقق للفرد نوع من الرضا والاتزان النفسي، فعدم إشباع حاجة معينة يترتب عنه شعور الفرد بحالة من الإحباط مما قد يدفعه إلى كبت الحاجة وقد تدفع به إلى التصرف متجها نحو الهدف الذي يعتقد بأنه سوف يحقق له الإشباع. وعلى العموم فالدراسات التي تعرضت للدوافع والحاجات التي تجعل الأفراد يتعرضون إلى وسائل الاتصال الجماهيرية قد حددت تلك الدوافع والحاجات في حاجة الفرد إلى الهروب من الواقع بالإضافة إلى حاجاته في التعرف على الأخطار والمشكلات المحيطة بالبيئة الاجتماعية وكيفية مواجهتها، وغيرها من الدوافع التي ترتبط بالدوافع والحاجات الفردية كاكتساب المعلومات والخبرات وتحقيق التواصل([10]). الإشباع: الإشباع هو إرضاء رغبة أو بلوغ هدف ما أو خفض دافع ما، فالإشباع في نظرية التحليل النفساني تعني خفض التنبيه والتخلص من التوتر([11]). ووفق نظرية الاستخدام و الإشباع فان الأفراد يوصفون بأنهم مدفوعين بمؤثرات نفسية واجتماعية لاستخدام وسائل الإعلام بغية الحصول على نتائج خاصة، يطلق عليها "الاشباعات". وعلى العموم وحسب "وينر" "Wenner" فوسائل الإعلام تحقق نوعين من الاشباعات هي: 1- اشباعات المحتوى: وتنتج عن التعرض إلى محتوى وسائل الإعلام. 2- اشباعات العملية: وتنتج عن عملية الاتصال والارتباط بالوسيلة الإعلامية ذاتها. مقترب الاستخدام و الإشباع و مفهوم التأثير مقترب الاستخدام و الإشباع: تسعى بحوث الاستخدام و الإشباع إلى الإجابة عن التساؤل: لماذا يستخدم المتلقي وسائل الاتصال؟ ومن خلال هذا التساؤل يمكننا أن ندرك بأن هذه الدراسات تعتبر المتلقي نقطة البدء وليس الرسالة الإعلامية أو الوسيلة الاتصالية، ومن خلال هذا التركيز على المتلقي يرى أصحاب هذا الاتجاه أن الأفراد يستخدمون وسائل الإعلام ومحتوياتها لأمور كثيرة قد لا تكون لها علاقة بالهدف الذي يريده القائم بالاتصال، ذلك أن الأفراد بدلا من أن يكونوا مستقبلين لرسائل الاتصال فإنهم يسعون إلى استخدام وسائل الاتصال بما يتفق مع حاجاتهم ويشبعون بذلك حاجات عديدة لديهم وليس بالضرورة أن يتم إشباعها عن طريق وسائل الإعلام، فالفرد قد يلجأ إلى بدائل أخرى غير وسائل الإعلام لإشباع حاجاته([12]). و يعتبر مقترب الاستخدام و الإشباع تحولا نوعيا في البحوث الإعلامية من رؤية الجمهور على انه عنصر غير فعال إلى رؤيته على أنه فعال بحيث ينتقي أفراد هذا الجمهور الوسائل و المضامين الإعلامية التي يفضلونها من وسائل الإعلام([13])، ويشير كل من "وينر" "Werner" و "تانكارد" "Tankard" إلى أن البحث في أنواع الاحتياجات التي يحققها استخدام وسائل الإعلام قد بدأ منذ وقت مبكر في الثلاثينات، حيث أجريت العديد من الدراسات من هذا المنطلق أو المنظور على قراءة الكتب، مسلسلات الراديو، والصحف اليومية، الموسيقى الشعبية وأفلام السينما([14]). المساهمات الأصيلة في صياغة مقترب الاستخدام و الإشباع. لقد ساهمت مجموعة من الدراسات في تشكيل هذا المقترب، وجل هذه الدراسات أجريت في الولايات المتحدة الأمريكية وفي السويد، من بينها: دراسة "هيرتا هيرزوغ" "Herta Herzog": الدراسة الأولى: في عام 1940، أجريت الباحثة "هيرتا هيرزوغ" دراسة حول مسألة إشباع الرغبات التي كان يتحصل عليها جمهور برنامج ألعاب إذاعي وهو برنامج "Quiz"، وقد خلصت في دراستها إلى الكشف عن مجموعة من الرغبات المشبعة التي أفصح عنها المستجوبون، وتلخصت هذه الاشباعات في: 1- التنافس: ويعني أن المستمع للبرنامج يشارك عن بعد في المنافسة ويحاول أن يتنافس ويتبارى مع المتنافسين في البرنامج من خلال محاولته للإجابة عن الأسئلة التي يطرحها منشط البرنامج. التربية: بمعنى التعليم، فمن خلال استماع الفرد إلى هذا البرنامج يتمكن من إشباع رغبته في المعرفة، بحيث من خلال الاستماع إلى الأسئلة والأجوبة يكتسب المستمع معلومات جديدة وهو ما يساهم في الرفع من رصيده المعرفي. التقييم الذاتي: ويقصد به أن المستمع يقارن نفسه بالمتنافسين من جهة ومن جهة ثانية يقيم ذاته ونفسه من خلال الأجوبة المقدمة في ذلك البرنامج. الدراسة الثانية: أجرتها الباحثة عام 1942 واندرجت هذه الدراسة تحت عنوان <<ماذا نعرف حقيقة عن مستمعي المسلسلات الإذاعية اليومية>>([15])، حيث كان الهدف من هذه الدراسة هو التعرف على الاشباعات التي تتحصل عليها السيدات من وراء الاستماع إلى المسلسلات الإذاعية، وخلصت في دراستها إلى أن النسوة يتابعن هذه المسلسلات بهدف التسلية، ومنهم من يتابعها لأنها تساعدهن في حياتهن اليومية حيث تقدم لهن توجيهات في طرق التعامل مع الآخرين ومنهن من يتابعها بغية التثقيف والاستمتاع بالقصة الموجودة في المسلسل([16]). وعليه توصلت الباحثة إلى تصنيف مجموعة من الاشباعات التي يحققها جمهور المسلسلات الإذاعية اليومية، يمكن توضيحها كالآتي: 1- التنفيس العاطفي (Catharsis): فمن خلال الاستماع إلى المسلسلات الإذاعية يحاول المستمع التخلص من الشحنات التي تكون بداخله وقد تكون هذه الشحنات عاطفية أو غريزية وتوترات و القلق، وقد عبر "فرويد" "Freud" عن التنفيس العاطفي بمفهوم آخر هو إزالة العقد Abréaction ([17]). 2- أحلام اليقظة (Day Dreaming): بحيث أن المستمع يتخيل نفسه في نفس الوضعيات أو الأماكن أو الأدوار التي يصورها المسلسل ويتحدث عنها. 3- السلوك الاجتماعي اللائق: فالمستمع من خلال الاستماع إلى المسلسلات يكتسب ويتبنى سلوكيات وطرق في التعامل مع الآخرين وكيفية التصرف إزاء وضعيات ومواقف معينة في الحياة اليومية بحيث يعمل على توظيف تلك السلوكيات وفق المجتمع الذي يعيش فيه وقواعده ومعاييره. كما استخلصت "هيرتا هيرزوغ" أن الرضا والإشباع عند السيدات يختلف باختلاف الظروف الفردية ومشاكلها([18]). - دراسة "برنارد بيرلسون" "Bernard Berlson": والتي أجراها عام 1945، حيث استغل بيرلسون توقف ثمانية صحف عن الصدور لمدة تزيد عن أسبوعين بسبب إضراب عمال التوزيع في نيويورك([19])، وقد تمحورت هذه الدراسة حول الإجابة عن التساؤل الآتي: ماذا كان يعنيه اختفاء تلك الصحف بالنسبة للقراء؟ وما الشيء الذي افتقده القراء في هذه الفترة؟ وقد أجرى دراسته في نفس السياق الذي أنجزت فيه الدراسة السابقة لـ "هيرتا هيرزوغ" مستعملا تقنيات الإحصاء عن طريق إجراء سبر الآراء للتعرف على واقع أحوال قراء هذه الصحف أمام هذا الإضراب. و توصلت هذه الدراسة إلى أن السبب في ارتباط الأفراد بتلك الصحف هو أن هذه الأخيرة تقوم بعدة أدوار من بينها أنها تقدم المعلومات العامة أو التفسيرات حول الشؤون العامة للحياة اليومية([20]). كما استنتج "بيرلسون" أن القراء الأكثر اهتماما وتعلقا بالأخبار هم أكثر من يحسون بنقص وغياب هذه الصحف، ويصل هذا النقص إلى حد جعل تعاملهم مع الآخرين وخاصة الأقربين منهم أكثر صعوبة وعليه يعتبر "بيرلسون" أن الصحيفة عموما تعد من عوامل الإحساس بالأمان لدى الأفراد([21]). 3- دراسة "ويرنر وهانري" "Werner and Henry": وأجريت هذه الدراسة عام 1948م وتمحورت حول الإشباع الذي يتحصل عليها المستمعون من وراء الاستماع إلى المسلسلات الإذاعية اليومية، وتوصل الباحثين إلى أنه من الرغبات الأساسية التي يشعبها جمهور المستمعين من هذه المسلسلات الإذاعية هو أنها تساعدهم على تجاوز النقائص الاجتماعية، بمعنى أن المستمعين من خلال متابعتهم للمسلسلات اليومية يتعرفون على بعض القيم والمواقف والمعايير والسلوكيات التي يتقبلونها ويتبنونها وقد يطبقونها في تفاعلاتهم اليومية. 4- دراسة "وليف وفيسك" "Wolf and Fisch ": وأجريت هذه الدراسة عام 1949 حول سلسلة الرسوم الهزلية الخاصة بالأطفال، بهدف الكشف عن العلاقة بين الرسوم الهزلية الكاريكاتورية والأطفال، وقد خلصت هذه الدراسة إلى أن هناك ثلاث وظائف لكوميديا الأطفال وهي([22]): 1- تقديم معلومات حول العالم الحقيقي. 2- تقديم صورة البطل الذي لا يقهر. 3- فرصة للتماهي بالبطل. وكل وظيفة تتطابق مع مراحل متتالية من النمو ومرتبطة بحاجاته المحددة عند الأطفال. كما توصل الباحثان أيضا إلى أن الاستعمال المفرط لسلسلة الرسوم الهزلية مرتبط بنزاعات عصبية وإعاقات فيزيقية([23]). وفي عام 1954 أتي الباحث "ماكوبي" "Maccoby" بمفهوم إحباط الحياة المنزلية حيث وجد بأن إحباط الحياة المنزلية يدفع الأطفال إلى استخدام التلفزيون والإقبال عليه بكثافة. وفي عام 1955 وبعد دراسات عدة قال "كاتز" و "لازارسفيلد" "Katz" and "Lazarsfeld" بأن السؤال الذي يجب أن يطرح هو "ليس ماذا تفعل وسائل الإعلام بالجمهور؟ وإنما ماذا يفعل الجمهور بوسائل الإعلام؟ وهو السؤال الأساسي الذي أصبحت ترتكز عليه معظم البحوث الإعلامية حيث ساهم في تغيير اتجاه الأبحاث من المنبه الاستجابة إلى الاستخدام و الإشباع. 6- دراسة "بلوملر" " Blumler" و زملائه: تكتسي هذه الدراسة أهمية خاصة في صياغة نظرية الاستخدام و الإشباع، وقام بهذه الدراسة "بلوملر" "Blumler" و زملائه بمركز التلفزيون بجامعة "Leeds" عام 1969 والتي أراد فيها الباحثون تجاوز إحدى فرضيات الاستخدام و الإشباع وهي "الهروبية" "exapisme" التي كان يقول بها نقاد الثقافة الشعبية وهل أن الاستخدامات تذهب إلى أبعد من هذا المفهوم([24]). وتمحورت دراسة "بلوملر" وزملائه حول وصف أفراد الجمهور لتجربتهم الذاتية مع وسائل الإعلام وما هي بالضبط الوظائف التي تؤديها مضامين معينة في ظروف خاصة، وقد ركزت هذه الدراسة على التلفزيون([25]). وللإجابة عن هذه الإشكالية قام "بلوملر" بصياغة مجموعة من الفرضيات للدراسة تمثلت في: . أن مشاهدة التلفزيون موجهة نحو هدف. . المشاهدون هم وحدهم يستطيعون الكشف عن هذه الأهداف والاهتمامات والدوافع، كونهم مشاركون في العملية الاتصالية. هناك أنماط متنوعة للدوافع وإشباع الرغبات. . إشباع الرغبات والدوافع والاهتمامات والوظائف يمكن معالجتها كوحدات مفاهيمية مختلفة للتحليل. . إن استعمال وسائل الإعلام يمكن وصفه كعملية تفاعلية تربط المحتوى والاحتياجات و الإدراك والأدوار بالسياق الاجتماعي حيث يوجد الشخص، وأن التجربة الاجتماعية تخلق بعض الاحتياجات التي بعضها موجه نحو وسائل الإعلام للإشباع. وتوصلت هذه الدراسة إلى نتائج جد مهمة صاغها الباحثان "بلوملر" و "غورفيش" "Blumler" and "Gurevitch" عام 1972 في أربعة تصنيفات شكلت أساس نظرية الاستخدام و الإشباع، وهي: . التحويل: ويقابل مفهوم الهروبية، وتم استخدام مفهوم التحويل عوض الهروبية لأن المفهوم الأول هو علمي أكثر من الثاني، ويقصد بالتحويل أن المشاهد ينهمك في القصص لدرجة تجعله ينسى همومه وأتعاب حياته كما انه يسعى إلى التنفيس العاطفي من جانب ومن جانب أخر الهروب من عبء المشاكل والروتين اليومي. فالتحويل إذا يمكن تفكيكه إلى 3عناصر هي: 1) الهروب من مشقات الروتين اليومي. 2) الهروب من أعباء الحياة . 3) التنفيس العاطفي. 2. العلاقات الشخصية: ويقابلها مفهوم التفاعل الاجتماعي الشبهي([26]) والتي يسعى من خلالها المشاهد إلى: 1) المرافقة: من خلال المشاهدة بمعنى أن الفرد يعيش افتراضيا مع الشخوص والوضعيات التي يشاهدها في المحتويات الإعلامية 2) المنفعة الاجتماعية: وتعني أن الأفراد يتحصلون على معلومات وصور يستعملونها في تفاعلاتهم الاجتماعية. 3. الهوية الشخصية: ويقابلها العمليات النفسية والتي يسعى من خلالها المشاهد إلى تعزيز القيم ويمكن توضيح ذلك من خلال 3 عناصر هي: 1) مرجعية شخصية: بحيث أن الأفراد يحاولون أثناء استعمالهم لوسائل الإعلام أن يتعرضوا إلى المحتويات التي تتفق مع قيمهم ومواقفهم. 2) استشفاف الواقع: وذلك من خلال المحتويات القريبة من الواقع كالأخبار، أو حتى تلك البعيدة عن الواقع كالمسلسلات للإطلاع على ما هو جديد في ميادين عدة. 3) تعزيز القيم: من خلال التعرض لما يتوافق مع قيم الفرد وتجنبه لما يتنافر ويتعارض مع قيمه. 4. حراسة المحيط: من خلال الإطلاع على ما يجري من أحداث سياسية واجتماعية واقتصادية وثقافية. •1.2. الدراسات الحديثة في مقترب الاستخدام و الإشباع: نتيجة للتطور التكنولوجي الذي شهده مجال وسائل الإعلام والاتصال سواء من ناحية الوسيلة بذاتها أو من ناحية محتوياتها ظهرت دراسات عديدة في الثمانينات ركزت على دراسة استخدام التلفزيون و الإشباع الذي يتحقق لمستخدميه، غير انه بظهور الانترنيت بدأ الباحثون يسلطون الضوء و اهتماماتهم البحثية على دراسة هذه الوسيلة وما تحققه من إشباع لمستخدميها، ومن هذه الدراسات التي أنجزت خلال هذه الفترة نذكر:([27]) الدراسات التي تناولت استخدامات التلفزيون دراسة "ماكويل" عام 1987: مع نهاية الثمانينات قدم "ماكويل" في دراسة أجراها عام 1987 الأسباب النمطية لاستعمال التلفزيون بغرض إشباع حاجات لدى الأفراد الذين يتعرضون لمحتوياته، وقد لخصها في الحاجة إلى الإعلام، التربية، التعليم الذاتي، الهوية الشخصية، الاندماج والتفاعل، التسلية. دراسة "كيلبورن": شهدت سنوات الثمانينات انتشار ظاهرة المسلسلات الأمريكية مثل مسلسل "دالاس" مما وجه اهتمام العديد من الباحثين إلى دراسة هذه المسلسلات و بخاصة من منظور الاستخدام و الإشباع، وعلى هذا الأساس حاول "كيلبورن" معرفة الأسباب العامة وراء مشاهدة تلك المسلسلات، فتوصل إلى أنه من أهم الأسباب التي تدفع الأفراد إلى مشاهدة تلك المسلسلات نجد: 5. أن هذه المسلسلات تعتبر جزء من الروتين اليومي وتوفر التسلية. 6. أنها تشكل أرضية للتفاعل الاجتماعي و الشخصي. 7. أنها تثير الاهتمام و النقاش حول الأحداث الجارية. 8. أحلام اليقظة و الهروبية. 9. التماهي مع الشخوص. دراسة "الياهو كاتز" و "تمار اليابس": أجرى هذين الباحثين دراسة حول الاختلافات الثقافية في تفسير الأوبرا الصابونية خاصة فيما يتعلق بمسلسل "دالاس" الذي تم عرضه في كثير من البلدان خلال سنوات الثمانينات، حيث أصبح هذا المسلسل رمزا لعولمة التلفزيون الأمريكي([28]). و كان هدف هذه الدراسة هو البحث عن أدلة لها علاقة بالتفسيرات المختلفة لهذا المسلسل من حيث فهم وتفسير محتوى هذا المسلسل على ضوء السياق الثقافي السائد في كل بلد عرض فيه هذا المسلسل. وقد توصل الباحثان إلى أن دراستهما هذه قد ساهمت في تقديم أدلة توضح أن هناك استجابات مختلفة للقصة التي يرويها هذا المسلسل استنادا إلى خلفيات ثقافية مختلفة([29]). الدراسات التي أجريت حول الإشباع الذي يحققه استخدام الانترنيت: دراسة "فولكنبورج سويترز" "Volkenburg Soeters": الذي حاول معرفة كيف يستخدم الأطفال والمراهقين الانترنيت وما هي الدوافع التي تقف وراء ذلك الاستخدام؟ وقد توصل في دراسته إلى انه من الدوافع التي تدفع هذه الفئات إلى استخدام الانترنيت ما يلي: ([30]) 1. اكتشاف الذات: بمعنى البحث عن كيف يكون رد فعل الآخرين خاصة عند الإناث وكيف يظهرون في أعين الآخرين وهذا بفضل السرية التي تمتاز بها الانترنيت بحيث تسمح هذه الوسيلة بإخفاء الهوية الحقيقية. 2. التعويض الاجتماعي: أي تجاوز الخجل و النقائص الشخصية و بصفة خاصة عند الإناث و المنطويين نفسيا. دراسة "صونيا ليفنجستون" "Livingstone Sonia": و التي تم التوصل فيها إلى أن المراهقين الأكبر سنا يستعملون الانترنيت من اجل الاتصال بشبكتهم الشخصية، أما المراهقين الأقل سنا فيستعملون الانترنيت من اجل الاتصال بالغرباء وللتلاعب بالهويات. كما توصلت هذه الدراسة إلى أنه من بين دوافع استخدام الانترنيت: "الهوية"، حيث يقوم الأطفال بتمثيل أو تجريب عدة هويات وفقا لظروف الطرف الأخر الذي يتواصل معه عبر الانترنيت. •1.3. الافتراضات الأساسية التي يقوم عليها مدخل الاستخدام و الإشباع: يرتكز مقترب الاستخدام و الإشباع على مجموعة من الافتراضات، حددها كل من "كاتز" "Katz" و "بلوملر" "Blumler" و "غروفيتش" "Gurevitch" في مؤلفهم: "Communication Mass Research"([31])، على خمسة فروض أساسية هي كالآتي: 1. تميز الجمهور بالمشاركة الايجابية، أي أن أعضاء الجمهور هم مشاركون فعالون في عملية الاتصال الجماهيري، بعبارة أخرى أن الجمهور نشيط (Active) يربط بين احتياجاته وبين اختياره لوسائل الاتصال، بحيث يستخدم الوسائل التي تحقق أهداف مقصودة تلبي توقعاته. 2. التأكيد على أن الجمهور هو الذي يستخدم وسائل الإعلام والاتصال ويختار الرسائل التي تشبع حاجاته، فالأفراد هم الذين يستخدمون وسائل الاتصال وليست وسائل الإعلام والاتصال هي التي تستخدم الأفراد، فالفرد هو الذي يحدد ما الذي يستحوذ على اهتماماته وما الذي لا يمكن أن يحظى باهتمامه. 3. يرتكز الافتراض الثالث لمنظور الاستخدام و الإشباع على العلاقة التنافسية بين وسائل الإعلام والاتصال ومصادر أخرى لإشباع الحاجات. 4. استخدام وسائل الإعلام والاتصال يعبر عن الحاجات التي يدركها الجمهور ويتحكم في ذلك عوامل الفروق الفردية وعوامل التفاعل الاجتماعي وتنوع الحاجات باختلاف الأفراد. 5. يقوم الافتراض الخامس على أساس أنه يمكن الاستدلال على المعايير الثقافية السائدة في المجتمع من خلال استخدام الجمهور لوسائل الإعلام والاتصال، وليس من خلال محتوى الرسائل فقط([32])، بمعنى أن أعضاء الجمهور هم الذين يمكنهم تحديد القيم من وسائل الإعلام بالتالي تقرير التعرض إليها أم لا، وبالتالي فانه أحكام القيمة حول المعنى الثقافي للاتصال الجماهيري يجب أن يسبق باستكشاف لتوجهات الجمهور التي تعتبر الأصل، ومن دون ذلك فان أية محاولة لتفسير تأثير وسائل الإعلام تعتبر غير مجدية([33]). •2. العلاقة بين الاستخدام و الإشباع والتأثير: •2.1. العلاقة بين الاستخدام و الإشباع: يعد "كاتز" و "بلوملر" من الأوائل الذين اهتموا بصياغة علاقة بين حاجات الفرد واتجاهاته السلوكية لإشباعها، من خلال اللجوء إلى بدائل أو مصادر مختلفة والتي تعد وسائل الإعلام واحدة منها. حيث ركزا الباحثين من خلال إعادة تمحيصها للبحوث السابقة على بحث أجري في السويد عام 1968 والذي طرحا فيه الباحثان ثلاثة فروض أساسية هي كالآتي([34]): 1. إن جوهر الفرضية الخاصة بالاستخدام هو اعتبار المتلقي ايجابي ونشط في سلوكه الاتصالي مع وسائل الإعلام. 2. يكون الاختيار في يد المتلقي بحسب الحاجة التي يريد إشباعها. 3. تتنافس وسائل الإعلام مع مصادر أخرى لإشباع الحاجات. فمن وجهة نظر الباحثين، أن كل فرد مدفوع بمجموعة من العوامل الاجتماعية والنفسية التي تخلق لديه حاجات معينة، فيبدأ الفرد في رسم توقعات عن المصادر التي يمكن أن تلبي من وتشبع حاجاته، سواء من خلال وسائل الإعلام أو مصادر أخرى من خلال ممارسة أنشطة متعددة كالذهاب إلى النوادي، المقاهي الاجتماع بالأصدقاء...الخ. وعندما يقع اختياره على أحد تلك المصادر فانه في هذه الحالة يتم إشباع بعض الحاجات ولكن في نفس الوقت تخلق وتتولد لدى الفرد حاجات أخرى وهو ما يؤدي إلى نشوء توقعات جديدة تبدأ في التفاعل مع الخصائص الفردية والإطار الاجتماعي المحيط بالفرد تجعل الفرد يستعيد الدورة مرة أخرى بهدف إشباع كل الحاجات، وهكذا تتولد الحاجات وتتكرر عمليات إشباعها. كما يوضحها الشكل التالي:([35]) عوامل نفسية اجتماعية 1 مصادر ألأخرى ممارسة أنشطة أخرى حاجات 2 توقعات من 3 وسائل الإعلام 4 التعرض إلى وسائل الإعلام 5 دوافع وحاجات وتوقعات جديدة إشباع لبعض الحاجات ونتائج أخرى 6 *نموذج "كاتز" و "بلوملر" للاستخدام و الإشباع* وفي إطار آخر اهتم "روزينجرين" ببناء نموذج للاستخدام والإشباع يحدد فيه أهمية الحاجات التي حددها "ماسلوا" إلى جانب المشكلات التي قد يتعرض إليها الفرد في دفع الفرد إلى سلوك معين لإشباع تلك الحاجات من جهة وإيجاد حلول لتلك المشاكل وهي كلها تؤدي إلى الفعل المتمثل في استخدام وسائل الإعلام أو وسائل ومصادر أخرى. كما يوضحه الشكل الآتي([36]): البناء الاجتماعي بما فيه وسائل الإعلام الحاجات الأساسية الخصائص الذاتية والخارجية للفرد تتفاعل مع وكذلك إحساس الفرد بالمشكلات وإدراك بدائل حلولها ينتج من هذا التفاعل أنماط مختلفة لاستخدام وسائل الإشباع أنماط سلوكية أخرى الدوافع المختلفة للإشباع وحل المشكلات تتوحد مع تؤدي إلى تؤدي إلى إشباع عدم إشباع وهذا من الممكن أن يتأثر بالخصائص الذاتية والخارجية المحيطة بالفرد. *نموذج "روزينجرين" للاستخدام و الإشباع* •2.2. العلاقة بين الاستخدام و التأثير: من بين النماذج التي تناولت العلاقة بين الاستخدام و التأثيرات نموذج "ويندال" "Windalhl" للاستخدام والتأثير، بحيث يرى هذا الباحث بأن المحصلة النهائية لاستخدام وسائل الإعلام هو تراكم التأثير أو تتابعه وهذه العلاقة تأخذ ثلاثة أشكال([37]): 1. إذا كان الفرد قد استخدم وسائل الإعلام كعامل وحيد لإشباع حاجاته فانه في هذه الحالة يمكن وصف المحصلة النهائية لهذا الاستخدام بالتأثير. 2. قد تعتبر المخرجات النهائية نتيجة لاستخدام وسائل الإعلام أكثر من استخدام خصائص محتوياتها، في هذه الحالة يصبح استخدام وسائل الإعلام هو السبب الرئيس لمحصلة العملية الاتصالية وبالتالي تعتبر هذه المحصلة بمثابة نتيجة. 3. عندما تتحد المحصلة النهائية للعملية الاتصالية من خلال خصائص المحتوى وبتأثير استخدامه كعامل وسيط فانه في هذه الحالة تحدث عمليتان تكون السبب في تتابع التأثيرات، البعض من هذه التأثيرات يحدث بتأثير خصائص المحتوى والآخر بتأثير عملية الاستخدام. لكن على الرغم من نجاح هذا النموذج في الربط بين الاستخدام والتأثير إلا أن هناك صعوبات ترتبط بعدم وضوح مخرجات عملية الاتصال الجماهيري([38])، بحيث يصعب التمييز بين ما هو تأثير أو مجرد نتيجة أو تتابع للتأثير. •III. الانتقادات الموجهة لمقترب الاستخدام و الإشباع والرد عليها: •1. الانتقادات الموجهة لمقترب الاستخدام و الإشباع: ساهم مقترب الاستخدام و الإشباع في تقديم إستراتيجية جديدة لدراسة وتفسير استخدام الجمهور لوسائل الإعلام و اشباعاته، على أساس اعتبار الجمهور عنصر فعال وايجابي، وعلى الرغم من تطور أساليب البحث والاستقصاءات في هذا المجال، إلا أن صورا من الانتقادات وجهت إلى هذا المقترب يمكن توضيحها كالأتي: 1. يرى عدد من الباحثين بأن نظرية الاستخدام و الإشباع لا تزيد عن كونها إستراتيجية لجمع المعلومات من خلال التقارير الذاتية للحالة العقلية التي يكون عليها الفرد أثناء تعامله مع الاستقصاءات، فهي تعتمد بإفراط على دفاتر ذاتية للحالات النفسية للمستعملين([39]). 2. يتبنى مدخل الاستخدام و الإشباع مفاهيم تتسم بشيء من المرونة مثل الدافع، الإشباع، حيث لا يوجد تعريفات محددة لهذه المفاهيم وهو ما يؤدي إلى اختلاف النتائج التي يتحصل عليها الباحث أثناء تطبيقه لهذه النظرية([40]). 3. يعتبر مدخل الاستخدام و الإشباع، استخدام أفراد الجمهور لوسائل الإعلام هادف ومقصود لكن هناك من يرى أن استخدام وسائل الإعلام يحكمه السلوك الاعتيادي أي بحكم العادة والتعود، فمثلا مشاهدة برامج معينة قد تعود إلى العادة أو إلى شعبيتها.([41]) 4. يرى "دينس ماكويل" أن نتائج نظرية الاستخدام و الإشباع يمكن أن تتخذ كذريعة لإنتاج محتوى إعلامي هابط خاصة عندما يرى البعض بأن ذلك المنتوج يلبي حاجات المتلقين في مجالات التسلية والترفيه.([42]) الانتقادات التي وجهها بلوملر لمقترب الاستخدام و الإشباع: يرى "بلوملر" أن الإشكالية التي تطرح في تطبيق نظرية الاستخدام و الإشباع هي عدم التحديد الواضح لمفهوم النشاط الذي يوصف به الجمهور المتلقي في علاقته بالاستخدام والإشباع، حيث هذا المفهوم قد يحمل عدة معاني منها المنفعة. كما أن اعتبار الفرد نشيط يقوم بانتقاء واختيار الوسائل ومحتوياتها بحسب اهتماماته واحتياجاته، فالمتلقي انتقائي يختار بنفسه ولا يقبل بأن يفرض عليه أي شيء حتى من قبل وسائل الإعلام وبالتالي فان نشاطهم يجنبهم تأثير وسائل الإعلام ويلغي فرضية تأثير وسائل الإعلام. فحسب "بلوملر"، تطبيق مدخل الاستخدام و الإشباع يطرح العديد من التساؤلات حول كيفية قياس الاستخدام إذ يتدخل عامل الوقت الذي يقضيه الفرد في التعرض لوسائل الإعلام أو لمحتواها مع كثافة التعرض والاستخدام([43]). بالإضافة إلى ذلك فان "بلوملر" يرى بأن بحوث الاستخدام و الإشباع ركزت على الاختيار الكلي لوسائل الإعلام ومحتوياتها، وأغفلت البحث عن ماذا يفعل الجمهور بتلك المحتويات([44]). •2. الرد على الانتقادات: يعتبر المؤيدون لمدخل الاستخدام و الإشباع في ردهم على الانتقادات التي وجهت لهذا المدخل، أن كل ما أثير حول المدخل لا يمكن أن ينفي دوره في دراسة علاقة الفرد بوسائل الإعلام، وينطلق هؤلاء من إمكانية حدوث تغييرات في سلوكيات أفراد الجمهور تجاه الوسيلة الإعلامية التي يمكن أن يتغير مضمونها ونوعها بغية إرضاء المتلقي([45])، بمعنى أن هناك تغييرات متبادلة في سلوك الأفراد ومحتويات وسائل الإعلام والاتصال بالإضافة إلى ذلك فان قياس اتجاهات الأفراد ومدى إشباع حاجاتهم لا يمثل مشكلة تعترض مدخل الاستخدام و الإشباع فقط، وإنما هي عوائق أمام مختلف الأبحاث الاجتماعية لأنها تتعامل مع الفرد الذي يتسم سلوكه بالتغير وعدم الثبات. خاتمة: إن اتجاه أو مدخل الاستخدام و الإشباع هو اتجاه أخر يضاف إلى البحوث التي اهتمت بتأثير وسائل الإعلام بحيث شكلت تحولا نوعيا في مسار هذه البحوث، فهي لا تخرج عن فكرة أن الفرد أمام وسائل الإعلام لا يكون سلبي وإنما ايجابي قادر على الاختيار والانتقاء بناء على الحاجيات التي تتولد لديه والتي يريد إشباعها، فهدا المدخل يطرح فكرة انه لا يمكن تحديد تأثير مضمون وسائل الإعلام دون الأخذ بعين الاعتبار حاجيات المستقبل وإشباعها من تلك المضامين. فأساس هذا التيار ونقطة انطلاقه هي فكرة "أن لكل الناس حاجات تتطلب الإشباع وهذه الحاجات لها مصادر مختلفة تحدد طبيعتها، منها: النفسية، البيولوجية و الثقافية.....الخ وأن عدم تمكن الشخص من إشباع حاجاته مباشرة عن طريق الاتصال والتفاعل الشخصي الطبيعي -وجها لوجه- يجعله يلجاء إلى البحث عن بدائل وظيفية والمتمثلة في وسائل الإعلام وما تقدمه من وظائف، وهو ما يجعل وسائل الإعلام تبحث دائما من اجل التعرف على تلك الحاجات و الميولات الفردية غير المشبعة طبيعيا، من اجل إعادة تمثيلها في برامجها. من هنا نستنتج بأن التحدي الكبير الذي يُطرح أمام مدخل الاستخدام و الإشباع هو الوصول إلى إيجاد دلائل تبرهن على قيام علاقة بين استخدام وسائل الإعلام وتحقيق الرضا والإشباع من جهة وحدوث التأثير من جهة أخرى وعليه نصل إلى الإجابة عن التساؤل الذي طرح في بداية هذا البحث حول كون استخدام وسائل الإعلام من أجل الإشباع يساعد على التأثير، و خلصنا إلى أن استخدام وسائل الإعلام من اجل الإشباع يحقق التأثير في ظل مجموعة من الشروط صاغها كل من "كاتز و "بلومر" في نموذجهما الذي سبق التطرّق إليه. إن الظاهرة الإعلامية معقدة يدخل في دراستها اعتبارات سيكولوجية واجتماعية كثيرة من الصعب أحيانا التحكم في دراستها دراسة دقيقة في الواقع، ويقول "ويلبر شرام" في هذا الصدد انه حينما ندرس عملية الاتصال وتأثيراتها لا نستطيع أن نتجاهل ما يحدث داخل الفرد من تفاعلات من جهة و التفاعل الذي يحدث بين الأفراد من جهة أخرى، وغير ذلك من الاعتبارات، فالاتصال هو أساس العملية الاجتماعية وهو يدخل ضمن اهتماما جميع أنواع العلوم السلوكية والاجتماعية. وفي الأخير نرى أن مقترب الاستخدام و الإشباع قد ساهم في تقديم إستراتيجية جديدة لدراسة وتفسير استخدام الجمهور لوسائل الإعلام و اشباعاته، على أساس اعتبار الجمهور عنصر فعال وايجابي، أما التأثير فيبقى واحدا من أكبر الإشكاليات التي طالما سعت وسائل الإعلام إلى تحقيقه و الظفر به. قائمة المراجع •Ø باللغة العربية: •v الكتب: •1. أبو أصبع صالح خليل، استراتيجيات الاتصال وتأثيراته، دار مجدلاوي للنشر والتوزيع، الأردن، ط1، 2005. •2. إسماعيل محمود حسن، مبادئ علم الاتصال ونظريات التأثير، الدار العالمية للنشر و التوزيع، القاهرة، ط2، 2003. •3. حمدي حسن، وظائف الاتصال الجماهيري: الوظيفة الإخبارية لوسائل الإعلام، دار الفكر العربي، القاهرة، ط1، 1991. •4. دليو فضيل،الاتصال مفاهيمه نظرياته وسائله، دار الفجر للنشر والتوزيع، القاهرة، ط1، 2003. •5. ديفلير ملفين، روكيتش ساندرا، نظريات وسائل الإعلام، ترجمة :كمال عبد الرءوف الدار الدولية للنشر والتوزيع، القاهرة، 1993. •6. عبد الحميد محمد، دراسة الجمهور في بحوث الإعلام، عالم الكتب، القاهرة، ط1، 1993. •7. عبد الحميد محمد، نظريات الإعلام واتجاهات التأثير، عالم الكتب، القاهرة، ط 3، 1993. •8. كريبس باركر ،التلفزيون والعولمة والهويات الثقافية، ترجمة:علا احمد إصلاح، مجموعة النيل العربية، القاهرة، ط1، 2006. •9. مكاوي حسن عماد، حسن السيد ليلى، الاتصال و نظرياته المعاصرة، الدار المصرية اللبنانية، القاهرة، ط2، 2002. •v الدوريات: •1. علي قسايسية، السلوك الاتصالي للجمهور: خلفيات سيكو- سوسيولوجية، الوسيط في الدراسات الجامعية، الجزء 7، دار هومة للنشر والتوزيع، الجزائر، 2004. •v الأطروحات و الرسائل الجامعية: •ü الأطروحات: •1. بوخبزة نبيلة، فعالية تقنيات الاتصال العمومي المطبقة في الحملات العمومية المتلفزة لسونلغاز: دراسة نظرية واستطلاعية، (أطروحة دكتوراه)، كلية العلوم السياسية و الإعلام، قسم علوم الإعلام والاتصال، جامعة الجزائر، 2006 ـ 2007. •2. بوخنوفة عبد الوهاب، المدرسة، التلميذ والمعلم وتكنولوجيا الإعلام والاتصال، (أطروحة دكتوراه)، كلية العلوم السياسية و الإعلام، قسم علوم الإعلام و الاتصال، جامعة الجزائر، 2007. •3. بومعيزة السعيد، أثر وسائل الإعلام على القيم والسلوكيات لدى الشباب: دراسة استطلاعية منطقة البليدة، (أطروحة دكتوراه)، كلية العلوم السياسية و الإعلام، قسم الإعلام والاتصال، جامعة الجزائر،2005- 2006. •ü الرسائل: •1. شيخي توفيق، جمهور القنوات الفضائية الجزائرية من المهاجرين الجزائريين في بريطانيا، (رسالة ماجستير)، كلية العلوم السياسية و الإعلام، قسم علوم الإعلام والاتصال، جامعة الجزائر، 2007-2008. •2. عربوات سعيدة، اتجاهات الجمهور نحو قراءة الصحف اليومية الوطنية المستقلة، (رسالة ماجستير)، كلية العلوم السياسية و الإعلام، قسم علوم الإعلام والاتصال، جامعة الجزائر، 1999-2000. •3. مزيان ناجية، جمهور القنوات الفضائية العربية: دراسة مسحية لاستخدامات و اشباعات المرأة غير العاملة في الجزائر العاصمة، (رسالة ماجستير)، كلية العلوم السياسية و الإعلام، قسم علوم الإعلام والاتصال،جامعة الجزائر، 2005 - 2006. •v مواقع الانترنيت: www.aber.ac.uk/media/modules/tf33120/katzliebes.html www.ASB4.net/revue02/form.html •Ø المراجع باللغة الفرنسية: •1. EdeuTch : les Techniques psycho-sociologiques au service de l'étude de Marché, cahier de l'institut de sciences économiques applique, N° 71, Paris, 1971. •2. Yves-François Le Coadic, usage et usagers de l'information, Paris ABS, 2001.

الترجمة

عن المدونة

نسعى في هذه المدونة الى عرض آخر الاصدارات من كتب ومجلات علمية في مجال الاعلام والاتصال وخاصة في ما يتعلق بنظريات الاعلام والاتصال ومنهجية البحث العلمي لتكون بذلك هذه المدونة مصدرا لطلاب العلم وتكون فضاءا لتبادل المعلومات والافكار

Membres